السادة المبجلين أنزل الوهاب عليكم رحمته.
نريد أن نفتح لكم اليوم باب الكلام على أسرة ذيع أنها من جرثومة الأدارسة الشرفاء , و قد حققنا نسبها فوجدناها تنتمي إلى قبيلة الأزد القحطانية بعد أن اطلعنا على مخطوطات حسمت الخلاف القائم في نسبها .
ففي سنة 2002 م التقيت بأحد الخلجيين بمدينة جدة السعودية , و كان اللقاء عند أخينا و ابن عمنا الشريف حمد بن ناصر البراهيم الشريف الإدريسي نسبا , و قدمه إلي الشريف على أساس أنه من أصل مغربي إدريسي شريف ؛ فسألته عن نسبه فقال نحن من بني الملجوم الإدريسي و جدنا هاجر من فاس و استقر بالمدينة المنورة .
ثم بعد أسبوعين من اللقاء الأول إذا بي أفاجأ بصاحبنا الخليجي ذو الأصول المغربية في أحد أسواق مدينة جدة , و ألح علي مرافقته إلى بيته و دعاني لكأس قهوة عربية و في خلال دردشتنا إذا به يخرج لي شجرة موثقة من رابطة أشراف أدارسة مغربية و فيها نسبه إلى سيدنا و مولانا و جدنا الأعظم إدريس بن عبد الله الكامل عليه السلام .
فتفحصتها و لم أكن حينها مضطلعا بالأنساب كيومنا هذا و لكن رغم هذا كانت لي دراية لا بأس بها بأولاد جدنا إدريس فأثار اسم مصعب بن عمر بن إدريس الثاني عجبي إذ لم أكن أعلم أن من بين أولاد عمر بن إدريس و لا من أحفاده من يسمى بمصعب ؛ فأسررتها في نفسي و لم أبدها له و أظهرت له البشاشة و الهشاشة و قلت في نفسي لعله خطأ ناسخ و هذا غالبا ما يقع في كثير من الأنساب , و مع هذا دخل شيء من الريب في صدري فسألته عن بيته بماذا يعرف في المغرب , فأجابني على مضض بأنه بيت الأشراف بني الملجوم الأدارسة , فاستغربت من هذا الاسم الذي أسمعه لأول مرة في حياتي و أنا قضيت نصف عمري بمكناس و فاس .
ثم في سنة 2004 م وحين زيارتي إحدى زوايا الأشراف الأدارسة بالشمال المغربي برفقة ولدي يوسف و صهره مولاي محمد الكتاني إذا ببصري يقع على مخطوطة قديمة نفيسة لأحد علماء المغرب في القرن 11 و هي رحلة الشيخ العلامة أحمد بن حمدان التلمساني الدلائي المتوفى سنة 1092 هـ و جاء فيها ذكر أحد رجال هذا البيت الملجومي , فقال رحمه الله الورقة 11 :( ثم إننا توجهنا هذا اليوم إلى قبر السبط الزكي مولانا حسن بن حسن بن علي كرم الله وجوهم و رضي عنهم و نفعنا بهم و التقينا هناك بأحد المغاربة سكان مدينة فاس الزاهرة أعادنا الله إليها سالمين غانمين ,و هو السيد التاجر علي بن محمد بن محمد مرتين بن الحسن الملجومي الأزدي نسبا , و كان قد نمي إلينا أنه انتسب في المشرق إلى مولانا الملاذ الأعظم إدريس بن عبد الله الكامل , و بيته في المغرب مشهور إلى بني الملجوم و هو القاسم بن قترس بن الأمير مصعب بن الوزير عمير ؛ وزير مولانا الإمام إدريس باني مدينة فاس , و تحدثنا معه حول هذا الخبر فأنكره و لم يسلم به و الحمد لله . انتهى .
وقبل مغادرتي دار الزاوية المذكورة أخبرت الشريف مولاي محمد الكتاني ما جرى لي مع الرجل الخليجي ذي الأصول المغربية , فأخبرني أن في جعبته كثيرا من قصص الأدعياء الذين انتسبوا لآل البيت عموما و بني إدريس خصوصا و هم في الأصل إما برابرة أمازيغ و إما من بني هلال أو من بني شيبة أو غيرهم و ذكر لي نماذج عديدة منها انتساب عرب المعقل الذين هم من قحطان إلى جعفر الطيار و انتساب آل المجذوب الذين هم من أصول بربرية زناتية و بني الملجوم ذوي الأصول الأزدية القحطانية إلى الأدارسة ووعدني بأن يجمع لي بعضا من هاته النماذج في ملف خاص .
و بعد رجوعي إلى جدة اتصلت بصاحبنا الخليجي و طلبت لقاءه ثم ألححت عليه أن يطلعني مرة أخرى على شجرته من نافذة صلة الرحم و أين يلتقي بيتنا الطاهري و بيتهم الملجومي ؟ ثم كتبتها في ورقة و اتصلت بالشريف مولاي محمد الكتاني و أمليت عليه عمود صاحبنا و كانت المفاجأة بعد أيام حين اتصل بي الشريف من المغرب و أخبرني أن صاحبنا الخليجي ذي الأصول المغربية ينتسب إلى الرجل التاجر الذي جاء ذكره في رحلة الشيخ العلامة أحمد بن حمدان التلمساني الدلائي المتوفى سنة 1092 هـ .
وهو السيد التاجر علي بن محمد بن محمد مرتين بن الحسن .
و الحسن هذا هو بن محمد بن علي بن عيسى بن علي بن محمد بن محمد بن علي بن عيسى بن علي بن الحسن بن علي بن عيسى بن محمد بن إدريس بن علي بن الحسن بن عبد الله بن محمد بن القاضي عيسى بن علي بن يوسف بن عيسى بن القاسم المدعو بالملجوم بن قترس بن الأمير مصعب ابن الوزير عمير ابن الأمير مصعب بن خالد بن هرثمة بن الأمير يزيد ابن الأمير المهلب بن أبي صفرة الأزدي .
و أما ماجاء في عمود صاحبنا الخليجي فهو نفس العمود إلى القاضي عيسى بن علي بن يوسف بن عيسى بن القاسم المدعو بالملجوم بن قترس – بن مصعب و إلى هنا نفس الأسماء و نفس الألقاب بدون تغيير ذكرت في عمود صاحبنا الخليجي ثم بعد مصعب هذا قال بن عمر بدلا من عمير ثم جعل بعد عمر , بن إدريس بن إدريس بن عبد الله الكامل بن الحسن المثنى بن الحسن السبط بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه .
فانظر إلى التحريف و التزوير كيف يحكم في أنساب آل البيت .
فبعد أن كان مصعب بن عمير وزيرا لمولانا إدريس باني مدينة فاس و صهره من ابنته عاتكة بنت إدريس أصبح ابن ابنه بقدرة قادر .
فمصعب ابن عمير أمه هي عاتكة بنت إدريس بن إدريس بن عبد الله بن الحسن المثنى .
و أبوه هو الأمير مصعب بن خالد بن هرثمة بن الأمير يزيد ابن الأمير المهلب بن أبي صفرة الأزدي.
فتقلبت الجرثومة القحطانية إلى الجرثومة الإدريسية .
وقد ذكر بيت بني ملجوم الأزديين في كتاب بيوتات فاس الكبرى الصفحة 10 للمؤرخ النسابة إسماعيل بن الأحمر المتوفى سنة 807 هـ و ذكر جدهم القاضي عيسى بن علي بن يوسف و رفع نسبهم إلى المهلب بن أبي صفرة المذكور و لم يرفعه إلى مولانا إدريس .
فهاذان كتابان من القرون الأولى : الأول من القرن التاسع الهجري لصاحبه ابن الأحمر النسابة المشهور و الثاني من القرن 11 للفقيه المؤرخ الرحالة المعروف أحمد بن حمدان التلمساني الدلائي و كلاهما يذكران هذا النسب و يرفعانه إلى الأزد من بني قحطان و يخالفان ما ذكره صاحبنا الخليجي في القرن 21 .
و لا نختم بحثنا هذا إلا بـ : هل ضاع علم الأنساب في أيدي مرتزقة الأنساب ؟
النسابة مولاي إدريس الطاهري الجوطي الإدريسي